عصر الدولة الوسطى
نبذة تاريخية عن الموسيقى في عصر الدولة الوسطى
فرقة موسيقية في عصر الدولة الوسطى
لقد أوضحت الرسوم المنقوشة على جدران المعابد والمدافن فى جميع أقاليم مصر القديمة أن الحياة الموسيقية الدينية منها والدنيوية فى عصر الدولةالوسطى كانت على نفس نسق ونظام عصر الدولة القديمة، بخلاف بعض التنوع فى الشكل الخارجى لآلات الهارب مع ثبوت عدد الأوتار وطريقة العزف عليها.
كانت السمة العامة فى تشكيل الفرقة الموسيقية يغلب عليها الثنائيات، وقد أوضحت النقوش أن كل الاحتمالات كانت واردة فى تلك الثنائيات (الرجال مع الرجال و الرجال مع النساء و النساء مع النساء).على النحو التالى:- عازف هارب مع مغنية وعازف ناى مع عازفة هارب ، كما اختلفت أعداد المنشدين ، وكانت آلة الهارب من الآلات المحببة لدى المصريين القدماء عامة، وقد كانت أغنية عازف الهارب ضرباً من ضروب الأدب المصرى القديم، كما ارتبطت أغنية عازف آلة الهارب بدور هام فى الصلوات والطقوس الجنائزية وتقديم الزهور عند الدفن، وكان لها أيضاً دوراً هاماً فى المناسبات الاجتماعية السعيدة حيث تضفى جواً من المرح والسرور على الحياة العائلية والأسرية.
فى عصر المملكة الوسطى ظهرت النقوش الخاصة بعازفى الهارب المكفوفين لأول مرة فى مقبرة مرى رع الأول بتل العمارنة بالمنيا. وقد ظهرت تلك الرسوم على جدران بعض المقابر الخاصة ولم تظهر على جدران المعابد.فى عصر الدولة الوسطى ظهرت مجموعة من النقوش والتماثيل تصور الحيوانات فى صورة موسيقيين وكانت هذه الظاهرة مدعاة للفكاهة والمرح. فى الدولة الوسطى انضمت إلى الفرقة الموسيقية آلات الكينارة والطبول بعد ظهورها فى الحياة الموسيقية فى عصر تلك الدولة.
كان لكل فرقة موسيقية قائد يتوسط المجموعة ويكون عادة بدون آلة وأحياناً قائدين الأول لمتابعة العازفين وكان يعطى مجموعة من إشارات اليد والآخر وظيفته ضبط إيقاع العمل الموسيقى باستخدام التعبير باليدين أو فرقعة الأصابع أو الضرب على الركبتين أو كلاهما معاً وذلك لتنظيم الأداء وأحياناً تكون وظيفة المايسترو غير مقصورة على القيادة بل تصل أحياناً إلى الغناء وتشجيع أعضاء الفرقة الموسيقية.
عازفو الهارب المكفوفين
السلم الموسيقى
دلت الأبحاث التى أجريت على آلات النفخ للدولتين القديمة والوسطى أن السلم الموسيقى الذى كان مستخدماً فى تلك الفترة كان سلماً خماسياً خالى من أنصاف النغمات، ويؤكد ذلك عدد ثقوب تلك الآلات التى كانت تتراوح ما بين واحد إلى أربعة ثقوب وكذلك عدد أوتار آلات الهارب التى كانت تتراوح فى الغالب ما بين ( 4 – 5) أوتار وهى أوتار مطلقة تعزف بالنبر وليست بالعفق.
طابع موسيقى الدولتين القديمة والوسطى
صورة خطية من جدارية بسقارة توضح عازف هارب و عازفة كينارة و عازفة ناي
كانت الألحان الموسيقية بسيطة ونطاقها الصوتى محدود النغمات تبعاً لطبيعة الآلات الموسيقية المستخدمة ذات الأحجام الصغيرة والمتوسطة فى عصر هاتين الدولتين كآلات الهارب وآلة الكينارة وآلات الناى، كما كان عدد النغمات التى تصدرها تلك الآلات فى المعتاد لا تتعدى الخمسة نغمات، حيث تتراوح عدد أوتارها من أربعة إلى خمسة ونادراً سبعة أوتار وتصدر نغماتها عن طريق نبر الأوتار دون عفقها.
لذلك تميزت موسيقى تلك الفترة بأن كانت أصوات الآلات الموسيقية ذات لون خافت، وقد انعكس ذلك على طابع موسيقى تلك الفترة فتميزت بالهدوء والاعتدال، كما تميزت بالإيقاعات البطيئة وقد اتفق هذا اللون مع طابع الموسيقى الدينية وملائماً مع الطقوس الجنائزية التى تميزت بالخشوع والوقار.
تميز الرقص فى تلك الفترة بالإيقاعات البطيئة ذات الأزمنة الطويلة ويظهر ذلك بوضوح من خلال الحركة واتساع المسافة بين القدمين فهى قريبة الشبه بحركات راقصات الباليه فى وقتنا الحاضر. وحيث أن خصائص الفنون هى انعكاس لطبائع شعوبها، فقد وصف الشعب المصرى فى تلك الفترة بأنه شعب معتدل المزاج هادئ الطباع وله عواطف جياشة تعكسها الأغانى ونصوص الأشعار التى عثر عليها فى البرديات وعلى جدران المعابد، كما أنه شعب يقوم بواجباته فى المجتمع على خير وجه، يعطى العمل حقه من الجد والاجتهاد، كما يأخذ نصيبه من الفرح والمسرات.
جدارية من سقارة توضح الرقص الايقاعي البطىء
Bookmarks